الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر منهاج القاصدين **
اعلم: أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وبعضها أسباب كل طاعة، وقد سبق ذم الدنيا في ربع المهلكات، ونحن نذكر الآن فضل البغض لها والزهد فيها، فإنه رأس المنجيات. ومقاطعتها إما أن تكون بانزوائها عن العبد ويسمى ذلك فقراً، وإما بانزواء العبد عنها، ويسمى ذلك زهداً، ولكل واحد منهما درجة في نيل السعادات، وحظ في الإعانة على الفوز والنجاة. ونحن نذكر الفقر، والزهد، ودرجاتهما، وأقسامهما، وما يتعلق بهما في شطرين: اعلم: أن الفقير إلى الشيء هو المحتاج إليه، وكل موجود سوى الله تعالى فهو فقير، لأنه محتاج إلى دوام الموجود، وذلك مستفاد من فضل الله تعالى.وأما فقر العبد بالإضافة إلى أصناف حاجاته فلا يحصر، ومن جملة حاجاته ما يتوصل إليه بالمال، ثم يتصور أن يكون له خمسة أحوال عند فقرة: الأولى: أن يكون بحيث لو أتاه المال لكرهه وتأذى به، وهرب من أخذه بغضها له واحترازاً من شره وشغله، وصاحب هذه الحالة يسمى زاهداً. الحالة الثانية: أن يكون بحيث لا يرغب فيه رغبة يفرح بحصوله، ولا يكرهه كراهه يتأذى بها، وصاحب هذه الحالة يسمى راضياً. الثالثة: أن يكون وجود المال أحب إليه من عدمه لرغبة له فيه، ولكن لم يبلغ من رغبته أن ينهض لطلبه، بل إن أتاه عفواً أو صفواً أخذه وفرح به، وإن افتقر إلى تعب في طلبه لم يشتغل به. وصاحب هذه الحالة يسمى قانعاً. الرابعة: أن يكون تركه للطلب لعجزه، وإلا فهو راغب فيه، لو وجد سبيلاً إلى طلبه بالتعب لطلبه، وصاحب هذه الحالة يسمى الحريص. الخامسة: أن يكون مضطراً إلى ما قصده من المال، كالجائع، والعاري الفاقد للمأكول والملبوس. ويسمى صاحب هذه الحالة مضطراً، كيفما كانت رغبته في الطلب ضعيفة أو قوية. وأعلى هذه الخامسة: الحالة الأولى، وهى: الزهد، ووراءها حالة أخرى أعلى منها، وهى أن يستوي عنده وجود المال وعدمه، فإن وجده لم يفرح به، ولم يتأذ إن فقده، كما روينا عن عائشة رضى الله عنها أنها جاءها مال في غرارتين (1) وينبغى أن يسمى صاحب هذه الحالة المستغنى، لأنه غنى عن عند فقد المال وجوده جميعاً، ومتى كان الزاهد في الدنيا لا يرغب في وجودها، ولاعدمها، فهو في غاية الكمال.قال أحمد بن أبى الحواري لأبى سليمان الدارانى: قال مالك بن دينار للمغيرة: اذهب إلى البيت فخذ الزكاة التي أهديتها لى، فإن الشيطان يوسوس لى أن اللص قد أخذها ، فقال أبو سليمان: هذا من ضعف الزهد، هو قد زهد في الدنيا ما عليه من أخذها. فالهرب من المال والزهد فيه في حق الضعفاء كمال، فآما في حق الأنبياء والأقوياء، فسواء عليهم وجوده وعدمه. وقد يظهر القوى النفار من المال ليقتدي به الضعفاء في الترك، والله أعلم. أما الآيات فقد قال الله تعالى فى معرض المدح فى حق الفقراء: وفي أفراد مسلم من حديث عمر رضي الله عنه قال : ومن ذلك ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : واعلم: أن فراق المحبوب شديد، فإذا أحببت الدنيا، كرهت لقاء الله تعالى، فيكون قدومك بالموت على ما تكرهه، وفراقك لما تحبه، وكل من فارق محبوباً كان أذاه فى فراقه بقدر حبه له وأنسه به، فينبغي أن تحب من لا يفارقك، وهو الله تعالى، ولا تحب الدنيا التي تفارقك. ينبغي له أن لا يكون كارهاً لما ابتلاه الله به من الفقر. وأرفع من هذا أن يكون راضياً فرحاً، ويكون متوكلاً على الله سبحانه، واثقاً به ومتى عكس الحال، وكان يشكو إلى الخلق، ولا يشكو إلى الله تعالى ، كان الفقر عقوبة فى حقه، فلا ينبغي له إظهار الشكوى، بل يظهر التعفف والتجمل. قال الله تعالى: إذا جاءه بغير سؤال ينبغي أن يلاحظ فيما جاءه ثلاثة أمور: نفس المال، وغرض المعطى، وغرضه فى الأخذ. الأول : أما فى نفس المال، فينبغي أن يكون خالياً عن الشبهات كلها، فان كان فيه شبهة فليحترز عن أخذه.وقد تقدم فى كتاب الحلال والحرام درجات الشبهة، وما يجب اجتنابه، وما يستحب.وأما غرض المعطى، فلا يخلو، إما أن يكون طلباً للمحبة، وهو الهدية، فلا بأس بقبولها إذا لم تكن رشوة ولم يكن فيها منة. الثاني: أن يكون غرض المعطى الثواب، وهو الزكاة والصدقة، فعليه أن ينظر فى صفات نفسه، هل هو مستحق أم لا؟ فان اشتبه عليه فهو محل شبهة، وإن كان صدقة، فكان المعطى إنما يعطيه لدينه، فلينظر إلى باطنه، فإن كان مقارناً لمعصية فى السر، يعلم أن المعطى لو علم بذلك ، لنفر طبعه ولما تقرب إلى الله بالصدقة عليه، لم يأخذه كما لو أعطاه لظنه أنه عالم لم يكن. الثالث: أن يكون غرض المعطى الشهرة والرياء والسمعة، فينبغي أن يرد عليه قصده الفاسد، ولا يأخذه، لأنه إذا قبله يكون معينا له على قصده الفاسد. وأما غرضه فى الأخذ، فلينظر أهو محتاج إليه أو مستغن عنه؟ فان كان مستغنياً لم يأخذه، وإن كان محتاجاً إليه ، وقد سلم من الشبة والآفات التي ذكرناها، فالأفضل له الأخذ، لما روى عن عمر رضى الله عنه ، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: اعلم: أنه قد ورد فى السؤال أحاديث فى النهى عنه، وفى الترخيص فيه. أما الترخيص: فكقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أحدها: الشكوى. والثاني: إذلال نفسه، وما ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. والثالث: إيذاء المسؤول غالباً.وإنما يباح السؤال فى حال الضرورة والحاجة المهمة القريبة من الضرورة، أما المضطر، فهو كسؤال الجائع عند خوفه على نفسه موتاً أو مرضاً، وكسؤال العاري الذي ليس له ما يواريه.وأما المحتاج حاجة مهمة فهو كمن له جبة ولا قميص تحتها فى الشتاء، فهو يتأذى بالبرد تأذيا لا ينتهي إلى حد الضرورة، فكذلك من يقدر على المشي لكن بمشقة، يجوز له أن يسأل أجرة يكترى بها للركوب، وتركه أولى، ومن وجد الخبز وهو محتاج إلى الأدم، فله أن يسأل مع الكراهة، وكذلك إذا سأل المحمل من هو قادر على الراحلة.وينبغى فى مثل هذه المسألة أن يظهر الشكر لله تعالى، ولا يسأل سؤال محتاج ، بل يقول : أنا مستغن بما أملكه، وإنما النفس تطالبني، فيخرج بهذا عن حد الشكوى لله تعالى.وينبغى أن يسأل أباه أو قريبه أو صديقه الذي لا ينقص بذلك فى عينه، أو السخي الذي أعد ماله للمكارم، فيخرج بذلك من الذل.وإن أخذ ممن يعلم أنه إنما أعطاه حياءً، لم يجز له الأخذ، ويجب رده إلى صاحبه.ولا يجوز للفقير أن يسأل إلا مقدار ما يحتاج إليه، من بيت يكنه، وثوب يستره، وطعام يقيمه.ويراعى فى هذه الأشياء ما يدفع الزمان من غير تنوق (2) كان بشر الحافي يقول : الفقراء ثلاثة: فقير لا يسأل، وإن أعطى لا يأخذ، فهذا من الروحانيين.وفقير لا يسأل، إن أعطى أخذ، فذاك من أهل حظيرة القدس.وفقير إذا احتاج سأل، فكفارة مسألته صدقه فى السؤال.قال الشيخ جمال الدين رحمه الله: قلت: وفصل الخطاب أنه متى قدر الفقير على دفع الزمان من غير سؤال، لم يجز له أن يسأل، فإن كان يندفع على مضض، نظرت، فإن كان مثله لا يحتمل، ولا يخاف منه التلف، فالسؤال مباح وتركه فضيلة، وإن كان مثله لا يحتمل، وجب عليه أن يسأل.قال سفيان الثوري رحمه الله: من جاع فلم يسأل حتى مات دخل النار. 6ـ بيان حقيقة الزهد وفضيلته وذكر درجاته وأقسامه ونحو ذلك اعلم: أن الزهد في الدنيا مقام شريف من مقامات السالكين، والزهد عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه، وشرط المرغوب عنه أن يكون مرغوبا فيه بوجه من الوجوه، فمن رغب عن شئ ليس مرغوباً فيه ولا مطلوباً في نفسه، لم يسم زاهداً، كمن ترك التراب لا يسمى زاهداً. وقد جرت العادة بتخصيص اسم الزاهد بمن ترك الدنيا، ومن زهد في كل شئ سوى الله تعالى، فهو الزاهد الكامل، ومن زهد في الدنيا مع رغبته في الجنة ونعيمها، فهو أيضاً زاهد، ولكنه دون الأول.واعلم: أنه ليس من الزهد ترك المال، وبذله على سبيل السخاء والقوة، واستمالة القلوب، وإنما الزهد أن يترك الدنيا للعلم بحقارتها بالنسبة إلى نفاسة الآخرة.ومن عرف أن الدنيا كالثلج يذوب، والآخرة كالدر يبقى، قويت رغبته في بيع هذه بهذه. وقد دل على ذلك قوله تعالى: من الناس من يزهد في الدنيا وهو لها مشتهٍ، لكنه يجاهد نفسه، وهذا يسمى: المتزهد، وهو مبدأ الزهد. الدرجة الثانية: أن يزهد فيها طوعا لا يكلف نفسه ذلك، لكنه يرى زهده ويلتفت إليه، فيكاد يعجب بنفسه، ويرى أنه قد ترك شيئاً له قدر لما هو أعظم قدراً منه، كما يترك درهما لأخذ درهمين، وهذا أيضاً نقصان. الدرجة الثالثة: وهى العليا أن يزهد طوعاً ، ويزهد في زهده، فلا يرى أنه ترك شيئاً، لأنه عرف أن الدنيا ليست بشئ، فيكون كمن ترك خرقة، وأخذ جوهرة فلا يرى ذلك معاوضة، فإن الدنيا بالإضافة إلى نعيم الآخرة، أحسن من خرقة بالإضافة إلى جوهرة، فهذا هو الكمال في الزهد. واعلم: أن مثل من ترك الدنيا، مثل من منعه عن باب الملك كلب على بابه، فألقى إليه لقمة من خبز فشغله بذلك ودخل، فقرب من الملك، أفتراه يرى لنفسه يداً عند الملك بلقمة ألقاها إلى كلبه في مقابلة ما قد ناله؟ فالشيطان كلب في باب الله عز وجل، ويمنع الناس من الدخول، مع أن الباب مفتوح، والحجاب مرفوع، والدنيا كلقمة، فمن تركها لينال عز الملك، فكيف يلتفت إليها؟ ثم إن نسبتها ، أعنى ما سلم لكل شخص منها ولو عمر ألف سنة بالإضافة.إلى نعيم الآخرة، أقل من لقمة بالإضافة إلي ملك الدنيا، لأن الفاني لا نسبة له إلى الباقي، كيف ومدة العمر قصيرة ولذات الدنيا مكدرة؟ وأما أقسام الزهد بالإضافة إلى المرغوب فيه، فعلى ثلاث درجات: أحدها:الزهد للنجاة من العذاب، والحساب، والأهوال التي بين يدي الآدمي، وهذا زهد الخائفين. الدرجة الثانية: الزهد للرغبة في الثواب ، والنعيم الموعود به، وهذا زاهد الراجين فإن هؤلاء تركوا نعيماً لنعيم. الدرجة الثالثة: وهى العليا. وه أن لا يزهد في الدنيا للتخلص نم الآلام، ولا للرغبة في نيل اللذات، بل لطلب لقاء الله تعالى وهذا زهد المحسنين العارفين، فإن لذة النظر إلى الله سبحانه وتعالى بالإضافة إلى لذات الجنة، كلذة ملك الدنيا، والاستيلاء عليها، بالإضافة إلى لذة الاستيلاء على عصفور واللعب به. والضروريات المهمات سبعة أشياء: المطعم، والملبس، والمسكن، وأثاثه، والمنكح، والمال، والجاه. فأما الأول: وهو المطعم فاعلم أن همة الزاهد منه ما يدفع به الجوع مما يوافق بدنه من غير قصد الالتذاذ.وفى الحديث: الثاني: الملبس، فالزاهد يقتصر فيه على ما يدفع الحر والبرد، ويستر العورة، ولا بأس أن يكون فيه نوع تجمل، لئلا يخرجه التقشف إلى الشهرة. وكان أكثر لباس السلف خشناً، فصار لبس الخشن شهرة.وقد روى عن أبى بردة قال: وعن الحسن قال : خطب عمر رضى الله عنه وهو خليفة، وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة. الثالث: المسكن، فللزاهد فيه ثلاث درجات. أعلاها: أن لا يطلب موضعاً خاصاً لنفسه، بل يقنع بزوايا المساجد، كأصحاب الصفة،وأوسطها: أن يطلب موضعاً خاصاً لنفسه، مثل كوخ في سعف، أو خص وما أشبه ذلك.وأدناها: أن يطلب حجرة مبنية. ومتى طلب السعة وعلو السقف، فقد جاوز حد الزهد في المسكن. وقد توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يضع لبنة على لبنة.قال الحسن: كنت إذا دخلت بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نلت السقف.وفى الحديث: وفى الجملة : إن كل ما يراد للضرورة فلا ينبغي أن يجاوز حد الزهد. الرابع: أثاث البيت، فينبغي للزاهد أن يقتصر فيه على الخزف، ويستعمل الإناء الواحد في مقاصده، فيأكل في القصعة، ويشرب فيها، ومن خرج إلى كثرة العدد في الآلة، أو في نفاسة الجنس، خرج عن الزهد.ولينظر إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . الخامس: المنكح ، لا معنى للزهد في أصل النكاح، ولا في كثرته. قال سهل بن عبد الله: حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النساء.وكان على رضى الله عنه من أزهد الصحابة، وكان له أربعة نسوة، وبضع عشرة سرية. وكان أبو سليمان الدارانى يقول: كل ما شغلك عن الله، من أهل، ومال، وولد، فهو مشؤوم. وكشف الغطاء عن ذلك أن نقول: من غلبت عليه شهوته وخاف على نفسه، تعين عليه النكاح، فأما من لا يخاف، فهل النكاح في حقه أفضل أو التعبد؟ فيه اختلاف بين العلماء. والناس مختلفون فيه منهم من يقصد النكاح لطلب النسل ويمكنه الكسب الحلال للعائلة، فلا يقدح ذلك في دينه، ولا يتشتت قلبه، بل يجمع النكاح همه، ويكف بصره، ويرد فكره ، فهذا غاية في الفضيلة، وعليه يحمل حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحال على رضى الله عنه ،ومن جرى مجراهما، ولا التفات إلى قول من يرى الزهد بترك الالتذاذ بالنكاح، فإن ذلك يقع ضمناً وتبعاً للمقصود.وقد كان بعض السلف يختار المرأة الدون على الجميلة، وذلك محمول على أن تلك تكون إلى الدين أميل، والنفقة عليها أقل، والاهتمام بأمرها يسير، بخلاف المستحسنة، فإنها تشتت القلب، وتشغله، وتريد زيادة فى النفقة، وربما لم يكن.وقد قال مالك بن دينار، يعمد أحدهم فيتزوج ديباجة الحي فتقول: أريد مرطاً(4) السادس: المال: وهو ضروري في المعيشة، فالزاهد يقتصر منه على ما يدفع به الوقت، وكان في الصالحين من يتشاغل بالتجارة ويقصد بها العفاف.وكان حماد بن سلمة إذا فتح حانوته وكسب حبتين، قام.وكان سعيد بن المسيب يتجر في الزيت، وخلف أربعمائة دينار، وقال: إنما تركتها لأصون بها عرضي وديني. السابع: الجاه، ولابد للإنسان من جاه حتى في قلب خادمه، واشتغال الزاهد بالزهد يمهد له الجاه في القلب، فينبغي أن يتحرز من شر ذلك.وفى الجملة فإن الحوائج الضرورية ليست من الدنيا، وكان كثير من السلف يعرض لهم بالمال الحلال، فيقولون : لا نأخذه، نخاف أن يفسد علينا ديننا. وقد تظن أن تارك المال زاهد، وليس كذلك، فإن ترك المال، وإظهار التخشن، سهل على من أحب المدح بالزهد، فكم من راهب قد لازم الدير، وقلل المطعم،وقواه على ذلك حسب المحمدة، كما سبق ذكره في كتاب الرياء. ولابد من الزهد في فضول الأموال والجاه جميعاً، حتى يكمل الزهد في حظوظ النفس، فأول معرفة الزهد مشكل.وقد قال ابن المبارك : أفضل الزهد إخفاء الزهد، وينبغى أن يعول في هذا على ثلاث علامات الأولى : أن لا يفرح بموجود، ولا يحزن بمفقود، كما قال تعالى الثاني: أن يستوي عنده ذامه ومادحه، وهذه علامة الزهد في الجاه. الثالث: أن يكون أنسه بالله، والغالب على قلبه حلاوة الطاعة.فأما محبة الدنيا ومحبة الله تعالى، فهما في القلب كالماء والهواء في القدح، إذا دخل الماء خرج الهواء، فلا يجتمعان.قيل لبعضهم: إلام أفضى بهم الزهد؟ قال: إلى الأنس بالله.قال يحيى بن معاذ: الدنيا كالعروس، ومن يطلبها ماشطتها و(5) وإذا كان الزهد لا يتم إلا بالتوكل فلنشرع في بيانه إن شاء الله تعالى.
|